والخامس: أنها أسماء للسور. روي عن زيد بن أسلم، وابنه، وأبي فاختة سعيد بن علاقة مولى أم هانئ.
والسادس: أنها من الرمز الذي نستعمله العرب في كلامها. يقول الرجل للرجل: هل تا؟
فيقول له: بلى، يريد هل تأتي؟ فيكتفي بحرف من حروفه. وأنشدوا:
قلنا لها قفي لنا فقالت قاف أراد قالت: أقف. ومثله:
نادوهم ألا الجموا ألا تا * قالوا جميعا كلهم بلى فا يريد: ألا تركبون؟ قالوا: بلى فاركبوا. ومثله:
بالخير خيرات وإن شرا فا * ولا أريد الشر إلا أن تا معناه: وإن شرا فشر ولا أريد الشر إلا أن تشاء. وإلى هذا القول ذهب الأخفش والزجاج، وابن الأنباري.
وقال أبو روق عطية بن الحارث الهمداني: كان النبي صلى الله عليه وآله وسلم يجهر بالقراءة في الصلوات كلها، وكان المشركون يصفقون ويصفرون، فنزلت هذه الحروف المقطعة، فسمعوها فبقوا متحيرين.
وقال غيره: إنما خاطبهم بما لا يفهمون ليقبلوا على استماعه، لأن النفوس تطلع إلى ما غلب عنها، معناه، فإذا أقبلوا اليه خاطبهم بما يفهمون، فصار ذلك كالوسيلة إلى الإبلاغ، إلا أنه لا بد له من معنى يعلمه غيرهم، يكون معلوما عند المخاطب، فهذا الكلام يعم جميع الحروف.
وقد خص المفسرون قوله " آلم " بخمسة أقوال:
أحدها: أنه من المتشابه الذي لا يعلم معناه الا الله [عز وجل]، وقد سبق بيانه.
والثاني: أن معناه: أنا الله أعلم. رواه أبوا الضحى عن ابن عباس، وبه قال ابن مسعود، وسعيد بن جبير.
والثالث: أنه قسم. رواه أبو صالح عن ابن عباس، وخالد الحذاء عن عكرمة.
والرابع: أنها حروف من أسماء.
ثم فيها قولان:
أحدهما أن الألف من " الله " واللام من " جبريل " والميم من " محمد " قاله ابن عباس.
فإن قيل: إذا كان قد تنوول فقال من كل اسم حرفه الأول اكتفاء به، فلم أخذت اللام من جبريل وهي أخر الاسم؟!
فالجواب: أن مبتدأ القرآن من الله [تعالى]، فدل على ذلك بابتداء أول حرف من اسمه، وجبريل انختم به التنزيل والإقراء، أي فتنوول من اسمه نهاية حروفه، و " محمد " مبتدأ في الإقراء،