والثاني: أنه التثبيت لارتياد محل الإنفاق، فهم ينظرون أين يضعونها، وهذا قول الحسن، ومجاهد، وأبي صالح.
قوله [تعالى]: (كمثل جنة) الجنة: البستان وقرأ مجاهد، وعاصم الجحدري " حبة " بالحاء. والربوة: ما ارتفع. وقرأ ابن كثير، ونافع، وأبو عمرو، وحمزة، والكسائي " بربوة " بضم الراء. وقرأ عاصم، وابن عامر بفتح الراء وقرأ الحسن والأعمش بكسر الراء، وقرأ ابن عباس، وأبو رزين، برباوة بزيادة ألف، وفتح الراء، وقرأ أبي بن كعب، والجحدري كذلك إلا أنهما ضما الواو، وكذلك خلافهم في " الموضعين " قال الزجاج: يقال: ربوة وربوة وربوة ورباوة. والموضع المرتفع من الأرض، إذا كان له ما يرويه من الماء، فهو أكثر ريعا من السفل. وقال ابن قتيبة: الربوة الارتفاع، وكل شئ ارتفع وزاد، فقد ربا، ومنه الربا في البيع.
قوله [تعالى]: (فآتت أكلها) قرأ ابن كثير، ونافع: أكلها. والأكل بسكون الكاف حيث وقع، ووافقهما أبو عمرو، فيما أضيف إلى مؤنث، مثل: (أكلها) فأما ما أضيف إلى مذكر مثل:
أكله؟ أو كان غير مضاف إلى مكنى: مثل (أكل خمط) فثقله أبو عمرو. وقرأ عاصم، وابن عامر، وحمزة، والكسائي جميع ذلك مثقلا وأكلها: ثمرها. (ضعفين) أي: مثلين. فأما " الطل " فقال ابن قتيبة: هو أضعف المطر، وقال الزجاج: هو المطر الدائم، الصغار القطر الذي لا تكاد تسيل منه المثاعب. قال ثعلب: وهذا لفظ مستقبل وهو لأمر ماض، فمعناه: فإن لم يكن أصابها وابل فطل.
ومعنى هذا المثل: أن صاحب هذه الجنة لا يخيب، فإنها إن أصابها الطل حسنت، وإن أصابها الوابل أضعفت، فكذلك نفقة المؤمن المخلص. والبصير من أسماء الله تعالى معناه: المبصر. قال الخطابي: وهو فعيل بمعنى مفعل، كقولهم: أليم بمعنى مؤلم.
أيود أحدكم أن تكون له جنة من نخيل وأعناب تجري من تحتها الأنهار له فيها من كل الثمرات وأصابه الكبر وله ذرية ضعفاء فأصابها إعصار فيه نار فاحترقت كذلك يبين الله لكم الآيات لعلكم تتفكرون (266) قوله [تعالى]: (أيود أحدكم) هذه الآية متصلة بقوله [تعالى]: (لا تبطلوا صدقاتكم) ومعنى: (أيود) أيحب، إنما ذكر النخيل والأعناب، لأنهما من أنفس ما يكون في البساتين، وخص ذلك بالكبير، لأنه قد يئس من سعي الشباب في إكسابهم.
قوله تعالى: (وله ذرية ضعفاء) أي: ضعاف، وإذا ضعفت الذرية كان أحنى عليهم، وأكثر