ترجعون) بالتاء مضمومة، وقرأها الباقون بالياء في الحرفين. وروى حفص عن عاصم: " يبغون " و " يرجعون " بالياء فيهما، وفتح الياء وكسر الجيم، يعقوب على أصله. قال ابن عباس: اختصم أهل الكتابين، فزعمت كل فرقة أنها أولى بدين إبراهيم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " كلا الفريقين برئ من دين إبراهيم ". فغضبوا، وقالوا: والله لا نرضى بقضائك، ولا نأخذ بدينك، فنزلت هذه الآية.
والمراد بدين الله، دين محمد صلى الله عليه وسلم. (وله أسلم) انقاد، وخضع (طوعا وكرها) الطوع: الانقياد بسهولة، والكره: الانقياد بمشقة وإباء من النفس. وفي معنى الطوع والكره ستة أقوال:
أحدها: أن إسلام الكل كان يوم الميثاق طوعا وكرها، رواه مجاهد عن ابن عباس، والأعمش عن مجاهد، وبه قال السدي.
والثاني: أن المؤمن يسجد طائعا، والكافر يسجد ظله وهو كاره، روي عن ابن عباس، ورواه ابن أبي نجيح، وليث عن مجاهد.
والثالث: أن الكل أقروا له بأنه الخالق، وإن أشرك بعضهم، فإقراره بذلك حجة عليه في إشراكه، هذا قول أبو العالية، ورواه منصور عن مجاهد.
والرابع: أن المؤمن أسلم طائعا، والكافر أسلم مخافة السيف، هذا قول الحسن.
والخامس: أن المؤمن أسلم طائعا، والكافر أسلم حين رأى بأس الله، فلم ينفعه في ذلك الوقت، وهذا قول قتادة.
والسادس: أن إسلام الكل خضوعهم لنفاذ أمره في جبلتهم، لا يقدر أحد هم أن يمتنع من جبلة جبله عليها، ولا على تغييرها، هذا قول الزجاج، وهو معنى قول الشعبي: انقاد كلهم له.
قل آمنا بالله وما أنزل علينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل وإسحاق ويعقوب والأسباط وما أوتي موسى وعيسى والنبيون من ربهم لا نفرق بين أحد منهم ونحن له مسلمون (84) ومن يبتغ غير الإسلام دينا فلن يقبل منه وهو في الآخرة من الخاسرين (85) كيف يهدي الله قوما كفروا بعد إيمانهم وشهدوا أن الرسول حق وجاءهم البينات والله لا يهدي القوم الظالمين (86) أولئك جزاؤهم أن عليهم لعنة الله والملائكة والناس أجمعين (87)