والثاني: أنهم أعوانهم، روي عن ابن عباس أيضا.
والثالث: أن معناه: فأتوا بناس يشهدون أن ما تأتون به مثل القرآن، روي عن مجاهد.
قوله [تعالى]: (إن كنتم صادقين) أي: في قولكم: إن هذا القرآن ليس من عند الله، قاله ابن عباس.
فإن لم تفعلوا ولن تفعلوا فاتقوا النار التي وقودها الناس والحجارة أعدت للكافرين (24) قوله [تعالى]: (فإن لم تفعلوا) في هذه الآية مضمر مقدر، يقتضي الكلام تقديمه، وهو أنه لما تحداهم بما في الآية الماضية من التحدي، فسكتوا عن الإجابة، قال: (فإن لم تفعلوا) وفي قوله [تعالى]: (ولن تفعلوا) أعظم دلالة على صحة نبوة نبينا، لأنه أخبر أنهم لا يفعلون، ولم يفعلوا.
والوقود: بفتح الواو: الحطب، وبضمها: التوقد، كالوضوء بالفتح: الماء، وبالضم:
المصدر، وهو: اسم حركات المتوضئ. وقرأ الحسن وقتادة: وقودها، بضم الواو، والاختيار الفتح. والناس أوقدوا فيها بطريق العذاب، والحجارة، لبيان قوتها وشدتها، إذ هي محرقة للحجارة. وفي هذه الحجارة قولان:
أحدهما: أنها أصنامهم التي عبدوها، قاله الربيع بن أنس.
والثاني: أنها حجارة الكبريت، وهي أشد الأشياء حرا، إذا أحميت يعذبون بها.
ومعنى " أعدت ": هيئت. وإنما خوفهم بالنار إذا لم يأتوا بمثل القرآن، لأنهم إذا كذبوه، وعجزوا عن الاتيان بمثله، ثبتت عليهم الحجة، وصار الخلاف عنادا، وجزاء المعاندين النار.
وبشر الذين آمنوا وعملوا الصالحات أن لهم جنات تجرى من تحتها الأنهار كلما رزقوا منها من ثمرة رزقا قالوا هذا الذي رزقنا من قبل وأتوا به متشابها ولهم فيها أزواج مطهرة وهم فيها خالدون (25) قوله [تعالى]: (وبشر الذين آمنوا).
البشارة: أول خبر يرد على الإنسان، وسمي بشارة، لأنه يؤثر في بشرته، فإن كان خيرا، أثر المسرة والانبساط، وإن شرا، أثر الاجتماع والغم، والأغلب في عرف الاستعمال أن تكون البشارة بالخير، وقد تستعمل في الشر، ومنه قوله تعالى: (بشر المنافقين بأن لهم عذابا أليما) قوله [تعالى]: (وعملوا الصالحات).
يشمل كل عمل صالح، وقد روي عن عثمان بن عفان أنه قال: أخلصوا الأعمال. وعن علي عليه السلام أنه قال: أقاموا الصلوات المفروضات. فأما الجنات، فجمع جنة. وسميت الجنة جنة، لاستتار أرضها بأشجارها، وسمي الجن جنا، لاستتارهم، والجنين من ذلك، والدرع جنة، وجن الليل: إذا ستر، وذكر عن المفضل أن الجنة: كل بستان فيه نخل. وقال الزجاج: