أحدها: أن معناه: فإن انتهوا عن شركهم وقتالكم.
والثاني: عن كفرهم.
والثالث: عن قتالكم دون كفرهم. فعلى القولين الأولين تكون الآية محكمة، ويكون معنى:
(فإن الله غفور رحيم) غفور لشركهم وجرمهم، وعلى القول الأخير، يكون في معنى قوله:
(غفور رحيم) قولان:
أحدهما: غفور لكم حيث أسقط عنكم تكليف قتالهم.
والثاني: أن معناه: يأمركم بالغفران والرحمة لهم. فعلى هذا تكون الآية منسوخة بآية السيف.
وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة ويكون الدين لله فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين (193) قوله [تعالى]: (وقاتلوهم حتى لا تكون فتنة).
قال ابن عباس، والحسن، ومجاهد، وقتادة في آخرين: الفتنة هاهنا: الشرك.
قوله [تعالى]: (ويكون الدين لله) قال ابن عباس: أي: يخلص له التوحيد. والعدوان:
الظلم، وأريد به هاهنا: الجزاء، فسمي الجزاء عدوانا مقابلة للشئ بمثله، كقوله: (فمن اعتد عليكم فاعتدوا عليه) والظالمون هاهنا: المشركون، قاله عكرمة، وقتادة في آخرين.
فصل وقد روي عن جماعة من المفسرين، منهم قتادة: أن قوله [تعالى]: (فإن انتهوا فلا عدوان إلا على الظالمين) منسوخ بآية السيف، وإنما يستقيم هذا إذا قلنا: إن معنى الكلام: فإن انتهوا عن قتالكم مع إقامتهم على دينهم، فأما إذا قلنا: إن معناه: فإن انتهوا عن دينهم، فالآية محكمة.
الشهر الحرام بالشهر الحرام والحرمات قصاص فمن اعتدى عليكم فاعتدوا عليه بمثل ما اعتدى عليكم واتقوا الله واعلموا أن الله مع المتقين (194) قوله [تعالى]: (الشهر الحرام بالشهر الحرام).
هذه الآية نزلت على سبب، واختلفوا فيه على قولين:
أحدهما: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أقبل هو وأصحابه معتمرين في ذي القعدة ومعهم الهدي، فصدهم المشركون، فصالحهم نبي الله على أن يرجع عنهم ثم يعود في العام المقبل، فيكون بمكة ثلاث