(فيما فعلن في أنفسهن من معروف) يعني التشوف للنكاح. وفي ماذا رفع الجناح عن الرجال؟ فيه قولان:
أحدهما: أنه في قطع النفقة عنهن إذا خرجن قبل انقضاء الحول.
والثاني: في ترك منعهن من الخروج، لأنه ليكن مقامها الحول واجبا عليها، بل كانت مخيرة في ذلك.
فصل ذكر علماء التفسير أن أهل الجاهلية كان إذا مات أحدهم، مكثت زوجته في بيته حولا، ينفق عليها من ميراثه، فإذا تم الحول، خرجت إلى باب بيتها، ومعها بعرة، فرمت بها كلبا، وخرجت بذلك من عدتها. وكان معنى رميها بالعبرة أنها تقول: مكثي بعد وفاة زوجي أهون عندي من هذه البعرة. ثم جاء الإسلام، فأقرهم على ما كانوا عليه من مكث الحول بهذه الآية، ثم نسخ ذلك بالآية المتقدمة في نظم القرآن على هذه الآية، وهي قوله [تعالى]: (والذين يتوفون منكم ويذرون أزواجا يتربصن بأنفسهن أربعة أشهر وعشرا).
ونسخ الأمر بالوصية لها بما فرض لها من ميراثه.
وللمطلقات متاع بالمعروف حقا على المتقين (241) قوله [تعالى]: (وللمطلقات متاع بالمعروف) قد سبق الكلام في المتعة بما فيه كفاية.
كذلك يبين الله لكم آياته لعلكم تعقلون (242) قوله [تعالى]: (كذلك يبين الله لكم آياته) أي: يثبت لكم وصف العقلاء باستعمال ما بين لكم، وثمرة العقل استعمال الأشياء المستقيمة، ألا ترى إلى قوله [تعالى]: (إنما التوبة على الله للذين يعملون السوء بجهالة). وإنما سموا جهالا، لأنهم آثروا أهواءهم على ما علموا أنه الحق.
ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم وهم ألوف حذر الموت فقال لهم الله موتوا ثم أحياهم إن الله لذو فضل على الناس ولكن أكثر الناس لا يشركون (243) قوله [تعالى]: (ألم تر إلى الذين خرجوا من ديارهم) معناه: ألم تعلم. قال ابن قتيبة: وهذا على جهة التعجب، كما تقول: ألا ترى إلى ما يصنع فلان؟.
قوله [تعالى]: (وهم ألوف) فيه قولان: