والثاني: ما أجرأهم على النار قاله الحسن، ومجاهد. وذكر الكسائي أن أعرابيا حلف له رجل كاذبا، فقال الأعرابي: ما أصبرك على الله، يريد: ما أجرأك.
والثالث: ما أبقاهم في النار، كما تقول: ما أصبر فلانا على الحبس، أي: ما أبقاه فيه، ذكره الزجاج.
والرابع: أن المعنى: فأي شئ صبرهم على النار؟! قاله ابن الأنباري. وفي " ما " قولان:
أحدهما: أنها للاستفهام، تقديرها: ما الذي أصبرهم؟ قاله عطاء، والسدي، وابن زيد، وأبو بكر بن عياش.
والثاني: أنها للتعجب، كقولك: ما أحسن زيدا، وما أعلم عمرا. وقال ابن الأنباري: معنى الآية التعجب، والله يعجب المخلوقين، ولا يعجب هو كعجبهم.
ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق وإن الذين اختلفوا في الكتاب لفي شقاق بعيد (176) قوله [تعالى]: (ذلك بأن الله نزل الكتاب بالحق) الإشارة بذلك إلى ما تقدم من الوعيد بالعذاب، فتقديره: ذلك العذاب بأن الله نزل الكتاب بالحق، فكفروا به واختلفوا فيه. وفي " الكتاب " قولان:
أحدهما: أنه التوراة.
والثاني: القرآن. وفي " الحق " قولان:
أحدهما: أنه العدل، قاله ابن عباس.
والثاني: أنه ضد الباطل، قاله مقاتل.
قوله [تعالى]: (وإن الذين اختلفوا في الكتاب) فيه قولان:
أحدهما: أنه التوراة ثم في اختلافهم محمد فيها أربعة أقوال:
أحدها: أن اليهود والنصارى اختلفوا فيها، فادعى النصارى فيها صفة عيسى، وأنكر اليهود ذلك.