ومعنى الآية: وعدنا موسى تتمة أربعين ليلة أو انقضاء أربعين ليلة. وموسى: اسم أعجمي، أصله بالعبرانية: موشا، فمو: هو الماء، وشا: هو الشجر، لأنه وجد عند الماء والشجر، فعرب بالسين. ولماذا كان هذا الوعد؟ فيه قولان:
أحدهما: لأخذ التوراة.
والثاني: للتكليم. وفي هذه المدة قولان:
أحدهما: أنها ذو القعدة وعشر من ذي الحجة! وهذا قول من قال كان الوعد لإعطاء التوراة.
والثاني: أنها ذو الحجة وعشر من المحرم، وهو قول من قال: كان الوعد للتكليم، وإنما ذكرت الليالي دون الأيام، لأن عادة العرب التأريخ بالليالي، لأن أول شهر ليله، واعتماد العرب على الأهلة، فصارت الأيام تبعا لليالي. وقال أبو بكر النقاش: إنما ذكر الليالي، لأنه أمره أن يصوم هذا الأيام ويواصلها الرحمن بالليالي، فلذلك ذكر الليالي وليس بشئ.
ثم عفونا عنكم من بعد ذلك لعلكم تشكرون (52) قوله [تعالى]: (ثم اتخذتم العجل من بعده) من بعده، أي: من بعد انطلاقه إلى الجبل.
الإشارة إلى اتخاذهم العجل روى السدي عن أشياخه أنه لما انطلق موسى، واستخلف هارون، قال هارون: يا بني إسرائيل ! إن الغنيمة لا تحل لكم، وإن حلي القبط غنيمة فاجمعوه واحفروا له حفيرة، فادفنوه، فإن أحله موسى فخذوه، وإلا كان شيئا لم تأكلوه، ففعلوا. قال السدي: وكان جبريل قد أتى إلى موسى ليذهب به إلى ربه، فرآه السامري، فأنكره وقال: إن لهذا شأنا، فأخذ قبضة من أثر حافر الفرس، فقذفها في الحفيرة، فظهر العجل. وقيل: إن السامري أمرهم بالقاء ذلك الحلي، وقال: إنما طالت غيبة موسى عنكم لأجل ما معكم من الحلي، فاحفروا لها حفيرة وقربوه إلى الله، يبعث لكم نبيكم، فإنه كان عارية، ذكره أبو سليمان الدمشقي.
وفي سبب اتخاذ السامري عجلا قولان:
أحدهما: أن السامري كان من قوم يعبدون البقر، فكان ذلك في قلبه، قاله ابن عباس.
والثاني: أن بني إسرائيل لما مروا على قوم يعكفون على أصنام لهم، أعجبهم ذلك، فلما سألوا موسى أن يجعل لهم إلها وأنكر عليهم، أخرج السامري لهم في غيبته عجلا لما رأى من