قوله [تعالى]: (إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء) قال أبو سليمان الدمشقي: هذا تعريض بنصارى أهل نجران فيما كانوا ينطوون عليه من كيد النبي عليه السلام وذكر التصوير في الأرحام تنبيه على أمر عيسى.
هو الذي أنزل عليك الكتاب منه آيات محكمات هن أم الكتاب وأخر متشابهات فأما الذين في قلوبهم زيغ فيتبعون ما تشابه منه ابتغاء الفتنة وابتغاء تأويله وما يعلم تأويله إلا الله والراسخون في العلم يقولون آمنا به كل من عند ربنا وما يذكر إلا أولوا الألباب (7) قوله [تعالى]: (منه آيات محكمات) المحكم: المتقن المبين، وفي المراد به هاهنا ثمانية أقوال:
أحدها: أنه الناسخ، قاله ابن مسعود، وابن عباس، وقتادة، والسدي في آخرين.
والثاني: أنه الحلال والحرام، روي عن ابن عباس ومجاهد.
والثالث: أنه ما علم العلماء تأويله، روي عن جابر بن عبد الله.
والرابع: أنه الذي لم ينسخ، قاله الضحاك.
والخامس: أنه ما لم تتكرر ألفاظه، قاله ابن زيد.
والسادس: أنه ما استقل بنفسه، ولم يحتج إلى بيان، ذكره القاضي أبو يعلى عن الإمام أحمد. وقال الشافعي، وابن الأنباري: هو ما لم يحتمل من التأويل إلا وجها واحدا.
والسابع: أنه جميع القرآن غير الحروف المقطعة.
والثامن: أنه الأمر والنهي، والوعد والوعيد، والحلال والحرام، ذكر هذا والذي قبله القاضي أبو يعلى بن الفراء، وأم الكتاب أصله. قاله ابن عباس، وابن جبير، فكأنه قال: هن أصل الكتاب اللواتي يعمل عليهن في الأحكام، ومجمع الحلال والحرام. وفي المتشابه سبعة أقوال:
أحدها: أنه المنسوخ، قاله ابن مسعود، وابن عباس، وقتادة، والسدي في آخرين.
والثاني: أنه ما لم يكن للعلماء إلى معرفته سبيل، كقيام الساعة، روي عن جابر بن عبد الله.
والثالث: أنه الحروف المقطعة كقوله: " آلم " ونحو ذلك، قاله ابن عباس.
والرابع: أنه ما اشتبهت معانيه، قاله مجاهد.
والخامس: أنه ما تكررت ألفاظه، قاله ابن زيد.