اللفظتين فرقوا بينهما، ليكون التطليق مقصورا في الزوجات. وأما القروء: فيراد بها: الأطهار، ويراد بها الحيض. يقال: أقرأت المرأة إذا حاضت، وأقرأت: إذا طهرت. قال النبي صلى الله عليه وآله وسلم في المستحاضة:
" تقعد أيام أقرائها ". يريد: أيام حيضها. وقال الأعشى:
وفي كل عام أنت جاشم غزوة * تشد لأقصاها عزيم عزائكا مورثة مالا، وفي الحي رفعة * لما ضاع فيها من قروء نسائكا أراد بالقروء: الأطهار، لأنه لما خرج عن نسائه أضاع أطهارهن. واختلف أهل اللغة في أصل القروء على قولين:
أحدهما: أن أصله الوقت، يقال: رجع فلان لقرئه، أي: لوقته الذي كان يرجع فيه.
فالحيض يأتي لوقت، والطهر يأتي لوقت، هذا قول ابن قتيبة.
والثاني: أن أصله الجمع. وقولهم: قرأت القرآن، أي لفظت به مجموعا. والقروء:
اجتماع الدم في البدن، وذلك إنما يكون في الطهر، وقد يجوز أن يكون اجتماعه في الرحم، وكلاهما حسن، هذا قول الزجاج.
واختلف الفقهاء في الأقراء على قولين:
أحدهما: أنها الحيض، روي عن عمر، وعلي، وابن مسعود، وأبي موسى، وعبادة بن الصامت، وأبي الدرداء، وعكرمة، والضحاك، والسدي، وسفيان الثوري، والأوزاعي، والحسن بن صالح، وأبي حنيفة وأصحابه وأحمد بن حنبل رضي الله عنه فإنه قال: قد كنت أقول: ان القروء:
الأطهار، وأنا اليوم أذهب إلى أنها الحيض.
والثاني: أنها الأطهار. روي عن زيد بن ثابت، وابن عمر، وعائشة، والزهري، وأبان بن عثمان، ومالك بن أنس، والشافعي، وأومأ إليه أحمد ولفظ قوله [تعالى]: (والمطلقات يتربصن) لفظ الخبر، ومعناه: الأمر، كقوله [تعالى]:
(والوالدات يرضعن أولادهن حولين كاملين) وقد يأتي لفظ الأمر في معنى الخبر كقوله [تعالى]:
(فليمدد الرحمن مدا) والمراد بالمطلقات في هذه الآية، البالغات، المدخول بهن غير الحوامل.
قوله [تعالى]: (ولا يحل لهن أن يكتمن ما خلق الله في أرحامهن) فيه ثلاثة أقوال: