الجماع، فسماهن حرثا، لأنهن مزدرع الأولاد، كالأرض للزرع، فإن قيل: النساء جمع، فلم يقل:
حروث؟ فعنه ثلاثة أجوبة، ذكرها ابن القاسم الأنباري النحوي:
أحدها: أن يكون الحرث مصدرا في موضع الجمع، فلزمه التوحيد، كما تقول العرب:
إخوتك صوم، وأولادك فطر، يريدون: صائمين ومفطرين، فيؤدي المصدر بتوحيده عن اللفظ المجموع.
والثاني: أن يكون أراد: حروث لكم، فاكتفى بالواحد من الجمع، كما قال الشاعر:
كلوا في نصف بطنكم تعيشوا أي: في أنصاف بطونكم.
والثالث: أنه إنما وحد الحرث، لأن النساء شبهن به، ولسن من جنسه، والمعنى: نساؤكم مثل حروث لكم.
قوله [تعالى]: (أنى شئتم) فيه ثلاثة أقوال:
أحدها: أنه بمعنى: كيف شئتم، ثم فيه قولان:
أحدهما: أن المعنى: كيف شئتم، مقبلة أو مدبرة، وعلى كل حال، إذا كان الإتيان في الفرج. وهذا قول ابن عباس، ومجاهد، وعطية، والسدي، وابن قتيبة في آخرين.
والثاني: أنها نزلت في العزل. قاله سعيد بن المسيب، فيكون المعنى: إن شئتم فاعزلوا، وإن شئتم فلا تعزلوا.
والقول الثاني: أنه بمعنى: إذا شئتم، ومتى شئتم، وهو قول ابن الحنفية والضحاك، وروي عن ابن عباس أيضا.
والثالث: أنه بمعنى: حيث شئتم، وهذا محكي عن ابن عمر ومالك بن أنس، وهو فاسد من وجوه:
أحدها: أن سالم بن عبد الله لما بلغه أن نافعا تحدث بذلك عن ابن عمر، قال: كذب العبد، إنما قال عبد الله: يؤتون في فروجهن من أدبارهن. وأما أصحاب مالك، فإنهم ينكرون صحته عن مالك.
والثاني: أن أبا هريرة روى عن النبي، صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال: " ملعون من أتى النساء في