أحطت خبرا بما هو الحقيق به الكلام الحق، فإن جواب " لما " قوله تعالى: * (ذهب الله بنورهم) *، فإن في إذهاب النور إذهاب النار الحسية وإذهاب نور الفطرة جميعا، ولو كان المراد من المستوقد نارا، الذي استوقد في أفق نفسه وسطح قلبه سراج الإسلام ونيران الإيمان، فجملة * (ذهب الله) * جواب لما يستضاء.
الوجه التاسع في تنكير النار ربما يقال: إن التنكير لأجل أن النظر إلى أصل الإيقاد، ولأحد أن يقول: إن الطبيعة بما هي هي لا تستوقد، وما يصح استيقاده هو الفرد الخارجي منه الدال عليه تنوين التنكير، وقد عرفت أن كثيرا من هذه الأمور مذكورة من غير لزوم كونها مرعية في الكلام، ومنها التعريف والتنكير والحذف والإيصال والعطف وتركه. نعم ربما تراعى فيها ويحافظ عليها، لأجل أن زنة الكلام وحسن التركيب موقوف عليها.
ولأحد دعوى: أن التنكير كثيرا ما يكون في موقف أريد من النار الفتنة والكناية عنها، كقوله تعالى: * (كلما أوقدوا نارا للحرب أطفأها الله) * (1)، أو أريد منه ما يشبه ذلك من النيران الاستعارية، ولذلك قال سعيد بن جبير: نزلت في اليهود وانتظارهم لخروج الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) واستفتاحهم به على مشركي العرب، فلما خرج كفروا به، فكان انتظارهم