وأنه بحسب ماهيته الاجتماعية أمره يدور بين الحركة والسكون، وهذا لأجل كونهم كالحيوان، لا يتدبرون في عواقب الأمر وغايات الأفعال والأعمال، بل مدار عملهم وأفعالهم على أن يكون طريق مشيهم مضاء ومظلما، فإن كان مضاء يتحركون ويتقدمون، وإلا يقوموا ولا شأن لهم وراء ذلك، كما هو دأب الحيوان الذي هو الحساس المتحرك.
ومن هنا يظهر وجه بلاغة آخر: وهو أن تمام طبيعة المنافقين هو انتظار المنافع المادية، فإذا أضاء لهم يعقبون في مرامهم وفي ما أظلم عليهم، فلا يتدبرون في شئ من الأشياء، بل يكونون واقفين وقائمين.
وأيضا يظهر من كلمة " كلما "، ومن إفادة المطلب بشكل القضية الشرطية، ومن كلمة " إذا " التوقيتية المفيدة لوقوع الفعل في الاستقبال، أنهم في جميع الأحيان والأزمان، وفي تمام أوقات التدين بالنفاق والتشرع بشريعة الحيوان، يكونون هكذا، وعلى هذا يتبين أن ذاتهم لا تقتضي أزيد من ذلك، وسجيتهم صارت رديئة حيوانية أو أضل منها.
الوجه الخامس صحة قراءة " أضاء " قوله تعالى: * (أضاء لهم) * لابد وأن يكون متعديا، لأن البرق فاعله، وهو الضياء بالذات، فمن قرأ: " ضاء لهم " (1) غير صحيح، ومن العجيب ما