فالمحصول مما قدمنا: أن الآية لا تدل على شئ حسب الدلالات اللفظية. نعم على مبنى التحقيق يكون الآية شاهدة على أنه تعالى قادر بالقدرة المعمولة لا بالقدرة المخزونة فقط، كما هو تعالى عالم بالعلم المعمول، أي العلم الفعلي الخارجي، وهو صفحة العالم كله وبالعلم المخزون الذي هو ذاته.
ومما ذكرنا يظهر ضعف ما في كتب القوم من الاستدلال بهذه الآية على أن المحدث شئ، والله قادر على كل شئ خلافا للمعتزلة، وذلك لما عرفت أن من يقول بذلك يفسر القدرة بما لا ينافي عموم قدرته وكون العبد مستقلا في إحداث الحدث، فلا تخلط.
البحث الرابع القدرة على الشئ المحدث من المسائل الخلافية بين المعتزلة وغيرهم أن المحدث قبل حدوثه مقدور لا بعد حدوثه، والمحققون من الفلاسفة على أن الشئ مقدور الله قبل حدوثه وحال حدوثه، والآية حسب عمومها تدل على أن الشئ المحدث مقدور أيضا.
وإذا كان هو تعالى قادرا على كل شئ فلابد من أن يكون كل شئ قابلا لتعلق القدرة به فنفي القابلية خلاف عمومها، ولهذا الكلام منهج علمي، وهو أن الشئ الموجود واجب بالوجوب الغيري، ومناط القدرة