كانا رجلين من المنافقين من أهل المدينة هربا من رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) إلى المشركين، فأصابهما هذا المطر الذي ذكر الله، فيه رعد شديد وصواعق وبرق، فجعلا كلما أضاء لهما الصواعق، جعلا أصابعهما في آذانهما من الفرق أن تدخل الصواعق في مسامعهما فتقتلهما، وإذا لمع البرق مشوا في ضوئه، وإذا لم يلمع لم يبصروا قاما مكانهما لا يمشيان، فجعلا يقولان: ليتنا قد أصبحنا، فنأتي محمدا (صلى الله عليه وآله وسلم)، فنضع أيدينا في يده، فأصبحا فأتياه فأسلما ووضعا أيديهما في يده، وحسن إسلامهما، فضرب الله تعالى شأن هذين المنافقين الخارجين مثلا للمنافقين الذين بالمدينة.
وكان المنافقون إذا حضروا مجلس النبي جعلوا أصابعهم في آذانهم، فرقا من كلام النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) أن ينزل فيهم شئ أو يذكروا بشئ فيقتلوا، كما كان ذانك المنافقان الخارجان يجعلان أصابعهما في آذانهما.
وإذا * (أضاء لهم مشوا فيه) * فإذا كثرت أموالهم وولد لهم الغلمان، وأصابوا غنيمة أو فتحا * (مشوا فيه) * وقالوا: إن دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) دين صدق، فاستقاموا عليه، فكانوا إذا هلكت أموالهم وولد لهم الجواري وأصابهم البلاء، قالوا: هذا من أجل دين محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، فارتدوا كفارا، كما قام ذانك المنافقان حين أظلم البرق عليهم (1).
وعلى مسلك المفسرين وأرباب الرأي والنظر * (يكاد البرق) *، أي البرق الذي يجعلون أصابعهم خوفا منه في