وثالثا: لا دلالة بالصراحة على العموم حتى يتم الاستدلال، لإمكان دعوى اختصاص الآية في الذين لم يخبر الله تعالى عن حالهم، فتكون الآيات السابقة قرينة على صرف هذه الآية عن العموم والإطلاق، فاغتنم وكن على بصيرة من أن الأمر في الآية إرشادي، لا تكليف رأسا، كما مر، ولأجل ذلك تركنا كثيرا من البحوث العلمية هنا الراجعة إلى كيفية فرض تكليفه تعالى للعباد، فلا تخلط.
عود على بدء قد أشرنا إلى أن هذه الآية تدل على إمكان التكليف بالمحال خلافا لأكثر المخالفين.
ووجه الدلالة: أن الجمع بين عموم هذه الآية وعموم قوله تعالى:
* (إن الذين كفروا سواء عليهم أأنذرتهم أم لم تنذرهم لا يؤمنون) * (1) يوجب إمكانه، ضرورة أن من شرائط التكليف والأمر احتمال الأثر واحتمال الانبعاث أو القطع به، وفي صورة القطع بعدم التأثير لا معنى للأمر.
وهذا هو البحث المعنون في الأصول تحت عنوان: أنه هل يجوز أمر الآمر مع العلم بانتفاء شرطه أم لا؟ وقد ذهب أصحابنا إلى الثاني، وأكثر المخالفين إلى الأول، وقد تحرر تحقيق المسألة في محله (2).
وإجماله: أن هذه المسألة من فروع مسألة أخرى: وهو أنه كيف