فيه جميع الطوائف المزبورة مع الطائفة الخاصة، الغير المسبوق في هذا المجال من المقال، وهذا في غاية الدقة وغاية المتانة في استيعاب الكل بذكر الخاصة المشتركة العامة.
الوجه الثاني حول تناقض الصدر والذيل ربما يوهم المناقضة صدر الآية وذيلها، فإن الخطاب بما أنه عام يشمل جميع الأجيال والطبقات، وقوله تعالى: * (اعبدوا) * لا يمكن أن يكون عاما، لأن طائفة من الناس كانوا يعبدون ربهم الذي خلقهم، ولأجل هذه المنافرة المتوهمة ربما ذهب بعضهم إلى اختصاص الآية الشريفة بالكفار، ويؤيد هذا المذهب قوله تعالى بعد آية: * (وإن كنتم في ريب) *، فخروج المؤمنين بل الذين يعبدون ربهم قطعي، فتكون الآية مخصوصة بالمشركين الذين كانوا يعبدون الأصنام، ويتقربون بها إلى الله تعالى، ويشهد له المنساق من الآية الكريمة، فإن قوله تعالى: * (ربكم الذي خلقكم) * كأنه سيق لإفادة أن الواجب عبادة الخالق لا غيره، فتكون الآية لردع عبدة الأوثان، وربما يدل عليه قوله تعالى في الآية التالية: * (ولا تجعلوا لله أندادا) *.
وربما يقال: إن هذه الآية من قبيل قوله تعالى: * (إهدنا الصراط المستقيم) * فكما أن هناك يكون طلب الهداية راجعا إلى طلب