لا يتحملها الإنسان الطاغي والبشر المتمرد، بخلاف هذه السبيل التي تلائم الطباع كلا، وتناسب الآراء المختلفة والمعاندين من الملحدين والمشركين.
ومن هنا يظهر وجه الإتيان بالفاء، وأن ذكر جميع هذه النعم والموائد والعوائد والآلاء والنعماء، مقدمة وتوطئة لما هو المقصود بالذات، بأن يطرحوا الأنداد والشركاء والأضداد والأصنام والمعبودات ويتمسكوا بعبادة الله، ولأجل الاهتمام بشأن عبادة الله تعالى أتى باسم الذات وبالعلم الشخصي.
وغير خفي: أن التوجيهات السابقة على مدار الأسماء الكلية والصفات العامة، ثم بعد ذلك انتقل إلى ذكر العلم الشخصي انتقالا من الكلي إلى الجزئي، ولأن اللازم في العبادة أن يكون العبد متوجها إلى الله الشخصي، لا إلى الكلي ولو كان لا ينطبق إلا على الجزئي والشخصي الخاص.
وما قد يتوهم: أن المقام من باب ذكر المظهر مقام المضمر غير تام، بل المقام من باب توجيه العباد من الكليات الفطرية إلى القضية الشخصية.
الوجه العاشر حول المناقضة المتوهمة في ذيل الآية ربما يخطر بالبال مناقضة بين النهي عن جعل الأنداد لله تعالى، وبين قوله تعالى: * (وأنتم تعلمون) *، وذلك لأنهم إذا كانوا عالمين فلا معنى لارتكابهم عبادة الأصنام والأنداد، ولا للنهي عن ذلك، ولو كانوا جاهلين