الرجوع، فتأويل الآية بشكل الدعاء، نحو " وليكونوا هم صما "، كتأويلها نحو " وليكونوا صما " أو هم صم إلى آخره، غير جائز في شريعة البلاغة جدا.
الوجه الثالث حول اشتمال الآية على إخبارات مترتبة على السابقة الظاهر أن هذه الآية إخبارات، ولا يكون قوله تعالى: * (بكم عمي) * وصفا لقوله: * (صم) *، كما أن الأظهر أنها إخبارات عن أوصاف المنافقين، وليست من تتمة التمثيل، فليس المقصود أن المستوقد الذي ذهب الله بنوره هو الأصم الأبكم.
وأيضا إن الظاهر أنها إخبارات تستوعب المنافقين السابقين، ولا يكون بعضهم أصم، وبعضهم أبكم وأعمى، بل كلهم صم بكم عمي، وكلهم لا يرجعون.
ويظهر من بعضهم: أنه تمثيل ثان، والذي يأتي تمثيل ثالث، فقد مثلوا في هذه الآية بالذين هم صم بكم عمي والذين فقدوا هذه الحواس (1).
والذي هو الأقرب: أنه بحسب المعنى من آثار الآية السابقة، وليست مستقلة في النظر والتمثيل، فإنه إذا كانت حال المنافقين المتشبهين بالمسلمين، حال المستوقد نارا الذي أضاء حوله بناره وبإظهاره الإسلام، فلما ذهب الله بنورهم ونيرانهم، وقعوا في الظلمات