النزول وتأريخ الآية في أول طليعة الأمر يتوجه القارئ إلى سؤال الارتباط بين الآيات السابقة المشتملة على أحوال الأصناف الثلاثة في اعتبار والسبعة في آخر، وبين هذه الآية، ويتقوى في النظر مقالة ابن عباس ومجاهد وعلقمة والحسن: أن كل آية أولها * (يا أيها الناس) * مكية، وكل آية أولها * (يا أيها الذين آمنوا) * مدنية (1)، فتكون هذه الآية بحسب النزول متقدمة على الآيات السابقة وأجنبية عنها، وإنما عقبت الآيات السابقة بها عند جمع الكتاب الإلهي، أو أنها نزلت ثانيا من غير لزوم مراعاة الارتباط، لأن النزول الثاني ليس إلا على مبنى بيان كيفية تأليف الآيات والسور.
فما اشتهر: أن سورة البقرة كلها مدنية إلا آية واحدة هي غير هذه الآية، محل المناقشة، وربما يقال: إن ما حكي عن ابن عباس وأشباهه غير صحيح بشهادة هذه الآية، فإنها مدنية وأولها * (يا أيها الناس) *. ويؤيد الكلام الأول قول القاضي، حيث قال: إن كان مبنى الكلام السابق على