الاشتداد الأحوالي، وفي ذلك إبانة أمر آخر وإيضاح سر خفي: وهو أن من استنار بنار واستضاء بضوئها في الظلمة الحسية أو المعنوية، ثم استبدل النار والنور بالظلمة المتعقبة لهما، يصير في التحير والظلام الأشد والأسوء من الذي لم يستضئ بنور من بدو وجوده، ولم يوقد النار من ابتداء خلقته، فالإيقاد والاستضاءة مقدمة لإفادة اشتداد الظلمة، وهكذا صيغة الجمع.
الوجه الثالث عشر حول * (تركهم في ظلمات) * ربما يخطر بالبال أن الأوفق بأسلوب البلاغة والإيجاز المقصود في الكلام، أن تكون الآية هكذا: " ذهب الله بنورهم فهم لا يبصرون "، وذلك لأجل تمامية الكلام في المقام بدون جملة * (وتركهم في ظلمات) *.
وهنا إشكال آخر وهو: أن إسناد الترك إليه تعالى خلاف أسلوب البحث، ولا يساعد عليه العقل، مع أن الترك عدمي لا يمكن أن تناله يد الجعل والتكوين، فما هو قابل لأن يتعلق به الإرادة الإلهية هو إذهاب النور، ولازمه تركهم في الظلمات، فمن هذه الجملة تنشأ إشكالات ثلاثة، بإضافة إشكال عقلي آخر يأتي تفصيله في بحوث فلسفية إن شاء الله تعالى.
أقول: الإشكالات المزبورة تنحل في البحوث الحكمية الآتية - إن