شاء الله تعالى - لارتباطها بتلك المسألة كما لا يخفى.
وأما الإشكال الأول المربوط بهذه الصحائف، فينحل بأن كتاب الله تعالى كتاب الهداية والإيصال إلى مراتب السعادة والمحاسن الأخلاقية والعقلية، فلابد وأن يكون متضمنا لجهات الترغيب والتحريض نحو المطلوب، ولا يصح في هذه الورطة الإيجاز، كما ترى في تكرار القصص والحكايات، وهداية البشر بسبل مختلفة وطرق شتى.
ومن ذلك هذه الكريمة الشريفة، فإنها مضافا إلى توبيخ المنافقين، وتثريب الكفار والملحدين وتحقير الفاسقين، تكون هادية إلى الخير ومرشدة إلى الصواب والحق، وإلى أن النفاق من الحالات الجحيمية، ومن الأوصاف الشيطانية التي يجب الاجتناب عنها برفعها ودفعها، فمن لا يكون من المنافقين يتوجه من هذه الآية إلى سوء النفاق فيجتنب منه، ومن كان من المنافقين ينتقل من هذه الآية إلى لزوم التخلي عنه والفرار منه.
فعلى هذا لابد من تركيز البحث حول هذه الصفة المذمومة بذكر تبعاتها تصريحا، ولابد من توجيه الأنظار ولفت الأفكار إلى خصائصها القبيحة بالوضوح والتكرار، حتى يتجلى للمستمعين حقيقته الفاسدة وباطنه المظلم. وعليه أن تنادي بأعلى صوتها: أن النفاق والمنافق كالمستوقد نارا، كلما أضاءت ما حوله بالنار ذهب الله بنورهم، وتركهم في الظلمة واللانورية، وتركهم في العمى واللابصرية وغير ذلك من النعوت الرذيلة والحالات الكاسدة الحسية والعقلية.