محض به حدوثا وبقاء ومتدل إليه، فكيف لا يكون هو مقدور غيره أو خارجا عن سلطانه الذاتي وإرادته الذاتية وقدرته القديمة الأزلية؟!
وثانيا: إن المباني المذكورة قابلة للإصلاح على الوجه الذي تحرر، ولا أظن أنه يختلف فيه بعد ذلك اثنان، والتفصيل يطلب من مظانه.
البحث الثالث عموم قدرته على الأفعال تدل هذه الآية على عموم قدرته ونفوذ سطوته وسلطنته في جميع الأشياء، سواء فيها الجواهر والأحداث، فجميع الأفعال الإنسانية محط قدرته، ومهبط نفوذ إرادته تعالى، خلافا لجمع المعتزلة والمفوضة، القائلين باستقلال العباد في أفعالهم، بل هم يقولون باستقلال العلل في تأثيراتها.
ويمكن المناقشة في الاستدلال المزبور: بأن إثبات القدرة له تعالى بالنسبة إلى كافة الأفعال، لا ينافي استقلال العباد في صنعهم وأعمالهم، ضرورة أن الله تعالى يقدر على إيجاد المانع عن صنيعهم وفعلهم، ويقدر على أن يخلق أفعالهم بلا وساطتهم. وهذا غير ما عليه المحققون، وهو أن كل فعل من الأفعال الصادرة عن العباد مستندة إلى قدرة العبد وقدرته تعالى، ولا تدل الآية الشريفة على أن الله تعالى أعمل قدرته في كل فعل، فلا ينبغي الخلط كما خلطوا.
نعم حكي عن أبي هاشم وأبي علي الجبائيين: أنهما أنكرا مقدورية