المادة ومجاليها، والتحقوا من أول الأمر بالملائكة المسبحين، حشرهم الله مع النبيين والصديقين، وجزاهم الله عن الإسلام أفضل جزاء الصالحين، فإن لهم حقوقا كثيرة على أخلافهم، ولولاهم لكنا في ما كان فيه آباؤنا الأولون وأسلافنا الجاهلون. والله ولي الحمد وإليه الملجأ وعليه التكلان.
وفي تعقيب الآية بقوله تعالى: * (أعدت للكافرين) * رمز وقلب للقضية المفروضة إلى القضية المحققة، حتى لا يخطر ببال المنكرين:
أن القضايا الشرطية لا تكون إخبارا إلا عن وجود الملازمة، وأما صدق الشرط والمقدم والتالي فهو أخص منها، فلا يخبر النبي الصادق (صلى الله عليه وآله وسلم) عن وجود هذه النيران، ولكن بعد ذلك يتبين أن النار المفروضة ليست مجرد الخيال والتصوير، بل نار حامية متحققة معدة ومهيأة حاضرة لأهلها وقى الله تعالى جميع المؤمنين منها ووقينا حسابها وشرها. اللهم آمين يا أرحم الراحمين.
الوجه الرابع عشر حول توصيف النار بالتي وقودها الناس والحجارة ربما يخطر بالبال أن يقال: إن القرآن - مضافا إلى كونه كتاب هداية، وينشر الحقائق الجامعة لسعادة أبناء البشر في كافة أنحاء الخيرات، وفي جميع النواحي والضواحي - يشتمل على بعض الأمور التخيلية والادعائية، وبعض الاستعارات والتشبيهات الخارقة للعادات الأولية، والخارجة عن متعارف الاستعمالات الشعرية والخطابية في العصر الأول.