أهل يختصون بها، ولا يدركها إلا الأوحدي، ولا ينالها إلا من أتى الله بقلب سليم.
الوجه الثامن تكرار القصص بأساليب متعددة ومن وجوه إعجاز القرآن: أن في هذا الكتاب السماوي، قد تكررت القصة الواحدة أكثر من خمسين مرة، ومنها قصة موسى وإبراهيم وآدم، وربما يكون النظر في تكرار هذه القصص - مضافا إلى إفادات خاصة في تكرارها - إلى أن الإتيان بمثله يمكن للقرآن، فيأتي بمثلها مرة ثانية، ثم بعد ذلك يتوهم ويذهب الواهم إلى عدم كفاية الألفاظ والتراكيب لإتيان مثله حتى للقرآن، فيأتي به ثالثة ورابعة، ثم بعد ذلك يذهب ذهنه إلى القطع بامتناعه عليه، فضلا عن غيره، فيأتي بالعاشرة والعشرين، ويمهلهم أن يأتوا بمثله، ومع ذلك يعلن أنهم لن يفعلوا وما فعلوه أبدا، ثم بعد ذلك الإعلان يأتي للمرة الثلاثين والأربعين.
وهذا يشعر بأنه لو كان لنبي الإسلام عمر ومدة في هذه النشأة، كان ينزل عليه مرات اخر بأساليب مختلفة وكيفيات خاصة، على نهج مخصوص به لا يشاركه فيه غيره، متميزا عن سائر التراكيب والجمل في جميع هذه الأمثال التي أتى بها القرآن، ولم يأت بها غيره، فافهم واغتنم.