الوجه الثاني عشر في بيان ما هو المنظور من التشبيه وبذلك يقرب ما هو وجه التشبيه لا شبهة في أن المنافقين كانوا في مختلف من الأمور، يواجهون الإسلام والمسلمين ورئيس الإسلام، وكانوا من جهات شتى يزاحمونهم كلا، ويوجبون الفساد والبليات ويوقعون الشبه والحيرة والشكوك، ولا سيما في بدو طلوع الإسلام، فإن حقائق الإسلام ما ارتسمت في نفوسهم على سبيل الرسوخ والملكات، فرب مسلم أصبح مسلما وأمسى شاكا حيرانا مترددا، لأجل الابتلاء بمصائب المنافقين، ولأجل تلك المصائب المتلونة، كشف القرآن عن أحوالهم المستورة سترة الحجاب، وأوضح الكتاب آراءهم وأعمالهم الكئيبة على أحسن السبل والأبواب، فعلى هذه يكون النظر في هذه الأمثال إلى فظاعة أعمالهم وسوء أفعالهم، وما هو المنظور الأصلي، وهو المحافظة على أصل الإسلام لأجل التقدم والنفوذ بين المسلمين، ولأجل صيانة إسلام المسلمين الموجودين، ووحدتهم وشكلهم، وغير ذلك من المصالح المترتبة عليها.
فتحصل من هنا: أن أساس المقصود في التشبيه بيان حالهم المغشوش المتلون، المرتكز فيه المقاصد المشؤومة الباطلة والمؤذية، المنتهية إلى الهلاك والموت.