الشئ، والذي يعاينه. وهذا بحسب المادة مختلف مع ما سبق، فإن الشهادة مصدر " شهد " بمعنى الإخبار وأداء الشهادة، والشهود مصدر " شهد " بمعنى الحضور، والشاهد بالمعنيين بمعنى الشهيد حسب ما يظهر من اللغة، وهو وإن كان ممكنا، ولكن الأظهر أنه بمعنى المخبر، كما لا يخفى.
فعلى هذا تكون الآية الشريفة في هذا المقام مجملة، لأنه كما يمكن أن يدعوهم إلى المخبرين، يصح أن يدعوهم إلى أن يأتوا بالحاضرين. ولعمري إن هذه المشكلة وإن لم تكن مورد النظر في كلماتهم، إلا أنها لا تضر بالمقصود المأمول في المقام أيضا، فلا تغفل.
البحث الرابع حول كلمة " دون " و " الصدق " و " الإتيان " " دون " نقيض فوق، تقول: هو دونه، أي أحط منه رتبة، ويكون ظرفا بمعنى أسفل، تقول: هذا دون ذاك، أي أسفل منه، وبمعنى أمام، نحو شئ دونه، أي أمامه، وبمعنى وراء، يقال: قعد دونه، أي وراءه، وبمعنى فوق، وهو ضد الأول، وبمعنى غير، وبمعنى الشريف والخسيس - ضد - يقال: شئ دون، أي خسيس، وشئ من دون، أي حقير ساقط، ورجل من دون. هذا أكثر كلام العرب وقد تحذف " من " وتجعل دون نعتا، ولا يشتق منه فعل. انتهى ما في " الأقرب " (1).