ومع الملائكة المقربين، فكونوا أمثالهم، فمنهم سجد لا يركعون، ومنهم ركع لا يسجدون، فاعبدوا ربكم في العوالم السابقة واللاحقة حسب مقتضيات تلك العوالم والنشئات * (الذي خلقكم والذين من قبلكم) * المنتقلين عن الدنيا إلى الآخرة، * (والذين من قبلكم) * المنتسبين إلى أبيكم آدم، أو الذين انتسبوا إلى آدم قبل آدمكم في الأرض أو في غيرها، لعلكم ويترجى لكم أن تتقوا ترجيا واقعا وحقيقة، بحسب النظرة إلى أشخاصكم، وإن كان بحسب النظرة إلى الأنواع وكلية النظام، يمتنع أن ينسلكوا في عدة المتقين وفي زمرة المؤمنين.
وقريب منه: * (يا أيها الناس) * القاطنون في عمود الزمان وغيره، الحاضرون في محضر ربكم * (اعبدوا ربكم الذي خلقكم والذين من قبلكم) * لأجل أنه خلقكم، فلا ترغبوا في شئ، ولا يستحق أحد منكم عليه شيئا، لأنه يكفي أن يستحق العبودية بحذاء خلقكم وبإزاء إخراجكم تدريجا من النقص إلى الكمال، وتربيتكم من الطفولية إلى الكبر والكهولة، وقد صنع بكم ما صنع بمن سبقكم من الآدميين، فضلا عن غيرهم * (لعلكم تتقون) * باختياركم وبإرادتكم، وتتقون الله في المحظورات والمشتبهات بأداء الفرائض وترك المحرمات.
وعلى مسلك العارف * (يا أيها الناس) * والأعيان الثابتة الملازمة للأسماء والصفات، الحاضرة بعين حضور الذات عند الذات * (اعبدوا) * وتوجهوا بجميع أنحاء