أنه لا يكون المأمور به مورد القدرة لجهات خارجية، لما عرفت من وجوه البلاغة والفصاحة، ولا معنى لإرادة الله تعالى إرادة مستقلة متعلقة بتعجيز المعاندين، ولو كان ذلك يرجع إلى المبادئ والشرائط اللازمة في عجزهم التكويني، فهو يرجع إلى أن عجزهم مستند إلى كمال القرآن، لا إلى أمر سماوي خاص، لما مر منا من إمكان الإتيان بمثله ذاتا ووقوعا، ولكن لا يأتون بمثله لعدم اجتماع شرائطه، فاغتنم.
ومما ذكرنا يظهر: أن تصرفه تعالى بالتعجيز ليس كتصرفه تعالى في الإقدار، وكما أنه تصرف على حسب الأصول والشرائط الطبيعية وغيرها، كذلك الأمر في تصرفه في التعجيز، وكون العجز والقدرة مع الوسائط مستندين إليه تعالى، ليس مقالة الأشعري المنكر لصفة القدرة للعبد مطلقا، فإن الإمامية أيضا ينكرونها، إلا أنهم يثبتونها أيضا بالغير، وينكرونها بالذات والاستقلال، فلا تخلط.
المسألة الثالثة حول جواز الاستدلال تدل الآية الشريفة على جواز الاستدلال، خلافا لطائفة - تسمى بالحشوية - منكرين له، ويمكن دعوى عدم تمامية الاستدلال، لأنهم ربما يجوزون ذلك لله تعالى دون غيره، فما في كتب التفسير من أخذ الآية خصما عليهم غير جيد.