مثلا: فيما نحن فيه لا يوصف المنافق بالأصمية، إلا وهذه الوسمة والصفة تستتبع النعوت الاخر المسانخة معها في الرذالة والشقاوة، وهي الأبكمية والأعمائية، فلو أريد إفادة هذه البارقة وتلك المصيبة والحيرة المخصوصة بهم، فلابد من أخذ طريقة خاصة تشعر بها، فينادي:
صم بكم عمي، من غير فصل بينهما، ومن غير إمكان التفكيك بين هذه الثلاثة في حق المنافقين الساقطين، فنفس الاتصاف بالصمم يلازم الاتصاف بسائر الرذائل، بعد كونهم من المنافقين في الدرك الأسفل من النار.
الوجه الثامن حول تصدير " هم لا يرجعون " بالفاء في تصدير الجملة الأخيرة بالفاء الدالة على الترتب والتسبب، وأن علة عدم رجوعهم أنهم صم بكم عمي، إشعار بالسنخية بين الثلاثة والأخيرة.
ويستفاد منه أن عدم الرجوع من آثار المنقصة والضلالة وفقدان الحواس والعاقلة على الوجه اللائق، من غير فرق بين كونهم من المنافقين الكافرين، أو من المنافقين المؤمنين بالإيمان الظاهري والإسلام غير الراسخ في قلوبهم، أو من غيرهم، فمن حذف المبتدأ ربما يستفاد أن علة عدم الرجوع نفس الصم والبكم والعمي، من غير دخالة شئ آخر، وهو النفاق والكفر، فاغتنم جيدا.