بالأخلاق الكريمة، والتشؤن بشؤون الإنسانية الحميدة، غير تام، بل الأمر كله بيد الله تعالى، ففي كل آن أراد ذلك يتنزل الكتاب السماوي، وله اختيار أمثال هؤلاء الأنبياء أو سائر الناس، بل والحيوانات والأشجار والأحجار.
أقول: قد مر في إعجاز القرآن ما ينفعك، وفي نفس الآية إشارة إلى خلاف ما قيل، لقوله تعالى: * (عبدنا) *، وإضافة العبد إلى ضمير الجمع تشعر بأنه لا يكفي مجرد كونه عبدا، بل لابد وأن يكون عبد الأحدية الذاتية والواحدية الجمعية، وفي كونه عبدا إشعار صريح بلزوم العبودية السابقة على النزول والوحي، وأن العبودية أساس صفة الكمالية لما في التشهد نقول: " أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله "، فعلى هذا، وبعد ملاحظة تأريخ الأنبياء وحياتهم الثمينة القيمة، واتفاق المؤرخين الغربيين والشرقيين على حسن فعالهم وكمال صنائعهم، يظهر فساد المقالة المذكورة جدا.
المسألة السادسة حول النار في الآخرة في قوله تعالى: * (وقودها الناس والحجارة) * إشعار بأن النار التي أعدت في الآخرة ليست من قبيل نار الدنيا، وفي قوله تعالى: * (أعدت للكافرين) * رمز إلى أن تلك النار موجودة بالفعل، خلافا لطائفة من الفلاسفة، ولبراهين عقلية محررة في محله.