ولعل منها: أن النار الموقدة، والنقطة البيضاء المتوحدة - في النفس أو في القلب - ليست فيها الكثرة، لأجل أنها متحركة من المرتبة البسيطة الابتدائية، فتكون هذه النار مشفوعة بكثرات ظلمات مختلفة من الانحطاطات الروحية، فإذا أوقد نار الوحدة في خلال هذه الكثرات، تسري إليها وتضمحل الكثرة بتوغل النفس في عالم الوحدة وتوجهها إلى الواحد المتوحد بالوحدة الحقة.
ومنها: أن الذي أوقد النار كان واحدا في الجماعة المتوغلين في ظلمات البر والبحر، فيناسب توحيد النور وتكثر الظلمة باعتبار توحيد الموقد وتكثير الجماعة إلا أن وحدة النار وحدة شخصية ووحدة النور نوعية، باعتبار أن كل واحد من المنافقين تنور بنور الذات وبنور الإقرار بالإسلام والإيمان.
ومنها: أن نورانية كل شئ بوحدته، وظلمانية كل شئ بكثرته، ولأجل ذلك وحد النور في الكتاب العزيز دائما وكثرت الظلمة جمعا.
وأيضا أن في النور وحدة ذاتية، وفي ضده ضدها، وهي الكثرة الذاتية.
ومنها: أن المركز واحد والجهات المحيطة به كثيرة، وكانت النار في المركز، ويستضاء بها الجهات الست وما حولها من الأطراف المحيطة به، فإذا ذهب الله بنورهم الموجود في المركز، وقعوا في الظلمات المتوجهة إليهم من أطرافهم، وسواء فيه كون المراد من النار والنور معناهما الحسي أو حقائقهما المعنوية الروحية.
وربما يكون النظر في تكثير الظلمة إلى بيان المبالغة في حدها، لا إفادة كثرتها، فإن الجمع كما يدل على الكثرة الأفرادية، يدل أحيانا على