الآتية، تجد فيها من الانحطاط مالا يخفى، من غير توهم استناد ذلك إلى كثرة التلاوة، فإنه أمر قابل للتدريب والافتنان، بل القوم الأوائل كانوا بمجرد سماع آية من الآيات، ربما يقعون تحت تأثيرها وجذبها، مع أنها ما كانت - بحسب المعنى أو المادة، أو اللطائف البديعية اللفظية والمعنوية - مشتملة على شئ بارز، ولكنها لاحتوائها على التوزين الخاص والرنة المخصوصة، المتطابقة مع اللطائف الروحية والنفسانية، اجتذبت الأكثرين، وهدمت بنيان الكفر والمشركين. والله هو الموفق المعين.
الوجه الثالث حول التشبيه في الآية إن من أقسام التشبيه تشبيه المركب بالمركب، ثم في أقسام تشبيه المركب بالمركب، ما لا يمكن أن يعين لكل جزء من أجزاء الطرفين ما يقابله من الطرف الآخر، إلا بعد تكلف وتعسف، وهذا مثل قوله تعالى:
* (مثلهم كمثل الذي استوقد نارا) *، فإن القول الفحل والمذهب الجزل، كون الآية من هذا القسم، لا من المتفرقة التي يكون بين الأجزاء تماثل وتشابه أيضا. فلو كان منها فلابد من أن يقال: شبه المنافق بالمستوقد نارا، وإظهاره الإيمان بالإضاءة وانقطاع انتفاعه بانطفاء النار وخمودها، أو يقال:
وإعلام الله المؤمنين بأسرارهم بإطفاء النار.
والذي يؤيد ما اختاره المشهور: أن إعطاء المثال بكلمة " المثل " ينبئ عن التشبيه في مجموع الجملة المذكورة، إذ المتبادر منه القصة