يدرس البشر في المبادئ والوسائل الموجودة في عصر النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ومصره، ويطالع أحسن ما يمكن في هذه الساحة والميدان، ويتدبر في القرآن ويتفكر في خصوصيات النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) والمزاجات وغير ذلك مما مر، ويتأمل بعد ذلك كله في هذا الكتاب، فإنه عند ذلك يصل إلى الغيب، ويؤمن به ويعتقد بذلك، مقارنا مع الاعتقاد بنبوة صاحبه ورسالة رسوله، والإذعان بأن الأمر ليس كما كانوا يزعمون.
توضيح وإرشاد: عدم دلالة الآيات على النبوة قد تصدى جمع من أرباب التفسير وأصحابنا المفسرين لأدلة النبوة وبراهين الرسالة، وأن هذه الآيات تدل عليها، غافلين عن حقيقة الأمر، وذاهلين عن أن الآيات - صدرا وذيلا - بصدد إثبات أن الكتاب كتاب من عند الله، يحتوي على الحقائق الاعتقادية والأخلاقية والأفعالية، الواجب اتباعها والأخذ بها والإيمان بها، وليست ناظرة إلى النبوة، كما مضى تفصيله.
ثم إنه بعدما ثبتت الرسالة، وأن الكتاب رسالة الله تعالى، وأن القرآن من عنده، وأن هذا الفرقان العظيم كذا وكذا، يثبت أن الحامل هو الرسول والنبي، وأن من أوحى إليه عبد من عباده الذين اصطفاهم الله، فلا حاجة إلى تجشم الاستدلال وتركيز البحث مستقلا في هذه المرحلة، للملازمة القطعية، بعد اقتران الرسالة الكذائية بدعوى صاحبها: أنه الرسول النبي من عنده.