صادقة إلا في صورة صدورها عن التوجه والاختيار والالتفات، والاشتراء من القسم الثاني، فإنه يدل على أن المنافق بالاختيار وسوء التدبير استقبل الضلالة، واستبدلها بالإيمان، وفي ذلك أيضا إشعار بأمر آخر: وهو أن الهداية كانت في أيديهم وتحت اختيارهم، فرفضوها وأخذوا عوضها بالمبادلة والمبايعة.
الوجه الخامس حول كون استعمال الاشتراء مجازا اختلفوا في مجازية الاشتراء وحقيقته على أقوال:
فمن قائل: إنه من الاستعمال الحقيقي (1)، وذلك لأن الإنسان - حسب خلقته - ذو شؤون كثيرة بحسب سيره إلى السعادة والشقاوة، فما كان من شؤون السعادة كأنها ذاتية، وما كان من شؤون الشقاوة عرضية استملكها من غيره، ولا يعتبر في البيع - حسب ما تحرر - كون المبيع من الأعيان، كما في بيع " السرقفلية "، فبناء عليه يكون الشراء على حقيقته.
وبعبارة أخرى: الألفاظ موضوعة للمعاني العامة، فلا مجازية في أمثال المقام.
وقد فرغنا عن فساد هذه المقالة الذوقية العرفانية، ونبهنا أنه لا يجوز الخلط بين الحقائق والذوقيات وبين باب الألفاظ والأوضاع، فإن