ثم إن في تنكير الماء رمزا إلى أن ما هو من السماء هو ماء المطر المنتهي أحيانا إلى بعض المياه الاخر، وإلا فالمياه العالمية ليست من السماء، وليس المقام موقف توضيح كيفية خلق المياه والسماوات والأرض، كما ترى أن المفسرين بمجرد وجود كلمة الأرض والسماء، يدخلون في البحوث الأجنبية عن الآية وحدود دلالتها وما يرتبط ببلاغتها وفصاحتها.
الوجه السابع حول المناقضة بين الفاء ونسبة الفعل إليه تعالى في * (فأخرج به) * ربما يخطر بالبال أن في قوله تعالى: * (فأخرج به) * مناقضة، وذلك لأن نتيجة الفاء، هو أن الخروج معلول النزول ومترتب عليه، وعلى هذا لا يناسب نسبة الخروج إلى الفاعل الإلهي، ولو كان الأمر بيد الله بعد النزول أيضا، لكان المناسب أن تصدر الآية بالواو، فالجمع بين الفاء ونسبة الفعل إليه تعالى يوهم خلاف البلاغة والأدب.
أقول: سيظهر تحقيق هذه المسألة في البحوث الراجعة إلى الفلسفة، وما ينبغي أن نشير إليه هنا: هو أن في هذا الجمع تنبيها وإرشادا إلى أن حصول الخروج، كما يكون متقوما بالعلل الطبيعية، تقوم بالعلة الإلهية، ولا يكفي إحداهما عن الأخرى، فليتأمل.
هذا، مع أن الفاء يفيد الترتيب، لا معلولية المعطوف للمعطوف