مفادها الهوهوية، وإفادة الاتحاد بين الموضوع والمحمول (1).
وعلى هذا تكون هذه الآية الشريفة - بما أنها نزلت بعد قوله تعالى:
* (وتركهم في ظلمات لا يبصرون) * - دليلا على وجود النسبة في الجملة الأولى دون الثانية، وبذلك يظهر وجه توصيفهم: بأنهم عمي بعد قوله:
* (وتركهم في ظلمات لا يبصرون) *، فإن في ذلك نوعا من الترقي من السافل إلى الأعلى، فإن في الأولى نفى عنهم الإبصار، وفي الثانية أثبت اتحادهم مع العمي، فلا يلزم تكرار ولا خلاف في أسلوب البلاغة بل فيه نهاية الدقة في توضيح أحوالهم الفاسدة المترتبة.
البحث الثاني حول الحركة من الكمال إلى النقص قد أشير فيما سلف إلى كيفية دلالة هذه الكريمة على الحركة الطبيعية المتدرجة من الكمال إلى النقص، فإن في تقديم الصم على البكم، وهو على العمي، نوع شهادة على أن المنافق المتحرك والفطرة الأولية التوحيدية المتدرجة تتحرك إلى الشقاوة التدريجية، فينسلب الكمالات الأولية عنها بفناء القوة المتوسطة بين الروح والمادة أولا، ثم فناء القوة المتوسطة بين العقل والإحساس، وفي المرتبة الثالثة يصبح أعمى بحسب القلب والبصيرة، فيضعف فيه الوجود