وقريب منه: * (أولئك الذين اشتروا الضلالة بالهدى) * الذين كانوا عليه حسب الخلقة الأصلية والفطرة الإلهية، * (فما ربحت تجارتهم) * وما ربحوا من تجارتهم ومبادلتهم، وخسروا خسرانا مبينا بذهاب رؤوس أموالهم واستعدادهم الذاتي المهيأ لهم إلى الجنة التي هي الربح حقيقة، لأنها الباقي واقعا، وبصيرورتهم أضل سبيلا وأسوأ حالا من غير التاجر والعامل، وكل ذلك لأجل أنهم * (ما كانوا مهتدين) * بالهدايات الاكتسابية، والإرشادات النبوية والعلوية، وباتباع الأحكام الإسلامية والقوانين الربانية.
وقريب منه: * (وما كانوا مهتدين) * أي إن قولنا: إنهم * (اشتروا الضلالة بالهدى) *، غير صحيح في حقهم، وهم غير لائقين لهذه المفاهيم، وذلك لأنهم * (ما كانوا مهتدين) *، حتى يتمكنوا من اشتراء الضلالة بالهدى، بل كانوا هم الضالين وغير المهتدين بجميع مراتب الاهتداء، من الهداية الاختيارية الاكتسابية إلى الهداية غير الاختيارية، فإنهم المحجوبون المطرودون، وفطرتهم المخمورة صارت لسوء فعالهم محجوبة، حتى تبين أنهم احتجبوا من النطفة عن الهداية، ووقعوا في الهلاك والخسران، فإن الشقي شقي في بطن أمه (1)، والباطل من شقي في صلب أبيه.
وعلى مسلك الحكيم * (أولئك الذين اشتروا) * بالاختيار - لا بالقهر والإجبار -