كما مر في بحث النزول، ومر ما فيه - تمسكا برواية علقمة في تأييد هذا التخيل على ضعف سندها ووهن متنها، وإرجاع الآية إلى أهالي مكة مع نزولها في المدينة، لا يخلو عن تعسف وتأسف.
ومما ذكر سابقا يظهر وجه فساد ما تمسكوا به عقلا من: أن المؤمنين غير مقصودين، لأنهم كانوا يعبدون ربهم الذي خلقهم، والملحدين غير منظورين، لأن العبادة فرع المعرفة، والأمر بالمعرفة غير ممكن، لأنه إن كانت المعرفة حاصلة فهو من تحصيل الحاصل، وإن لم تكن حاصلة فلا يمكن الأمر والإرادة الجدية بالنسبة إليها، كما تحرر في الأصول (1).
أقول: سيمر عليك ما هو حقيقة الحال في المسائل الأصولية، وكيفية دلالة الآية على أن الكفار مكلفون بالفروع، كما هم مكلفون بالأصول، فانتظر حتى حين.
الوجه الخامس حول الإتيان ب " ربكم " إن في توصيف الرب وفي الإتيان به نهاية التلطيف وغاية التوجه إلى عطف الناس إلى عبادة الله تعالى، فإن الذي ينبغي أن يعبد، وينبغي أن يؤجر ويجزي، ويليق أن يتوجه إليه ويخضع له ويخشع لمقامه ولحضرته، هو الرب الذي يربي الإنسان، ويعطي كل شئ حقه من