المسألة الثالثة حول كلمة " عمي " عمي يعمى عمى: ذهب بصره كله من عينيه كلتيهما، وفلان ذهب بصر قلبه وجهل، وعليه الأمر التبس واشتبه. الأعمى: ذو العمى، وهي عمياء، جمعه عمي وعميان وأعماء وعماة (1). انتهى ما في اللغة.
وقال في " التبيان ": أصل العمى ذهاب الإدراك بالعين (2). انتهى.
وهذا ممنوع، لأن من أبصر وكان له نور البصر، وكان ينعكس في حدقته العكوس والظلال ولا يدركها، ليس أعمى لغة، فذهاب الإدراك ليس داخلا في حدود اللغة وضعا.
ثم إن الأظهر استعارة البصر لبصر القلب، ثم اطلق عليه الأعمى باعتبار ذهاب نور القلب، كما أنه يقال لمن لا يهتدي الطريق: أعمى، فإنه لأجل الادعاء والمجاز. وقد خلط اللغويون بين الاستعمالات المبنية على الاستعارات والذوقيات والمجازات، وبين اللغات، فإن هذه الآفة مما يتلبس بها جميع الحيوانات، ومنها الإنسان. ثم لمكان أن البصر في الإنسان يترقب منه الآثار الإنسانية والخواص الروحية، حتى يختلف عن بصر سائر الحيوانات، ادعي ما ادعي واستعمل ما استعمل، حتى توهم أنه المعنى اللغوي الأصيل.