نعم البحث عن النبوة والرسالة والبعثة العامة والخاصة من المباحث العامة، إلا أنه خارج عن حيطة هذه الآيات، فلا ينبغي الخلط بين الجهات.
جولة حول الإعجاز الخالد قد عرفت فيما مضى وفي طي البحوث الماضية مشكلة ومعضلة، وهي أن إعجاز القرآن مرهون بعدم تمكن البشر عن الإتيان بمثله طيلة العصور الاستقبالية، وإذا احتملنا إمكان الإتيان بمثله في تلك العصور لا يثبت إعجازه، وهذا الاحتمال قوي وعقلائي، لإمكان استكمال البشر الآتي في الأدب والشعر والفصاحة والبلاغة، كما نجد أن كيفية القلم في تحول وتبدل، وأن المكاتبات العصرية تباين القديمة في حسن الإبراز، ولطف إظهار ما في الضمائر، وغير ذلك من الجهات الكثيرة.
وقد أشرنا هناك إلى أنه لا يتوقف إعجاز القرآن حدوثا على عدم إمكان الإتيان بمثله في الآتي، بل يثبت الإعجاز بعد ملاحظة الجهات السابقة حدوثا، وأنه ينال الإنسان المدقق في الجهات التي مرت، أن حدوث هذه الموسوعة العجينة عن المتخالفات من الفنون وغيرها، أمر خارق للعادة وخارج عن الطاقة البشرية المادية، وإذا ثبت ذلك حدوثا يكون باقيا إلى أن يؤتى مثله، فإن لم يؤت بمثله فيكون خالدا بحسب الواقع، ولو أتى بمثله أحد فرضا فلا منع من نسخ دعوى الأبدية وتخصيصها وتقييدها، كسائر الأمور المتخصصة بالمخصصات المنفصلة.
هذا بحسب التصور.