الوعظ والإرشاد وعلم الأخلاق اعلم: أن من المحرر في الروايات القطعية والأخبار المتواترة، ومن المقرر في العلوم العقلية والأخلاقية: أن الإنسان معجون مركب من جهات شتى، ومن تلك التراكيب المرعية في هذه الطبيعة العجيبة، ومن النعوت المخمورة في فطرته الأولية، هو الخوف والرجاء. ولأجل هذه الوديعة يجب عليه أن يخاف ويرجو، فلو خاف بالمرة، أو رجا بالكلية، لما وصل إلى الحدود اللازمة، وإلى المراتب الراقية، ولم يتمكن من الجمع بين الخيرات الحسية والمعيشة الدنيوية والسعادة الظاهرة، وبين الخيرات العقلية والحياة الأخروية والسعادة الأبدية.
وعلى هذه الرحى تدور إطارات المجتمعات البشرية، وسياسة المنزل والبلد والقطر والمملكة الواسعة الكبيرة، ولأجل هذه الخصيصة يجب على المرشدين وأرباب الوعظ والهداية، أن يفتحوا في سيرهم أبواب الجانبين وسبل الطريقتين، فلا يقولون بما يحصل منه الرجاء المطلق، ولا بما يخاف منه الناس كلا، بل لابد من المحافظة على الفطرة بذكر الخوف والرجاء. وتفصيل هذه المسألة يطلب من مقام آخر.