الوجه الثاني حول الهداية بالكلام المناسب مقتضى أدب المحاورة والمحاجة إلقاء الكلام على وجه يرغب الخصم في الهداية والحقيقة، ولأجل ذلك يمكن أن يقال: بأن الشروع في الحوار كان بنحو القضية الشرطية مع اشتمالها على كلمة " إن " الموضوعة - حسب كثير من موارد الاستعمال، وتنصيص بعض أهل الأدب - للشك والتردد وتدل على أن المتكلم شاك في أن متلوها يتحقق أم لا، مع أن الأمر ليس كذلك بالضرورة، فعلى هذا تنبه الآية على كيفية البحث مع الخصم ولزوم المراعاة والرأفة وأخذ جانب اللين والمماشاة جدا.
فالآية الشريفة أخذت من ناحيتين هذه السبيل: من ناحية الإتيان بالقضية الشرطية، ولا تحكم عليهم بالبت والإلزام، ومن ناحية إعلام الشك وإيجاد احتمال كونهم صادقين في دعواهم الريب، وفي كونهم عاملين أعمال المرتابين، ولأجل ذلك افترض في الآية ريبهم وشكهم فيما نزل عليه (صلى الله عليه وآله وسلم).
ومن هنا يظهر سقوط ما في كثير من التفاسير من كون " إن " للتوبيخ والتثريب، أو أنها بمعنى " إذا " وأن الإتيان بأداة الشك كان لأجل الغلبة، لا اشتراك الشاك والعالم، أو لغير هذه الجهات، ضرورة أن هنا مسألتين لا ينبغي الخلط بينهما:
الأولى: أن مقتضى الأداة " إن " كون المتكلم شاكا فيما يتلوها، وهو