قال الخليل: لقيته أول ذي ظلمة، أي أول شئ يسد بصرك في الرؤية لا يشتق منه فعل. انتهى ما في اللغة (1).
أقول: الظلمة - بحسب الواقع - ليس إلا عدم النور والضياء، إلا أنه لمكان وقوعها في الارتسام بالقياس إلى النور، وضع لها اللفظ، وربما ينسب إليه الجعل، كما في قوله تعالى: * (وجعل الظلمات والنور) * (2)، فما قيل: إنه ذهاب النور، أو إنه العدمي مقابل الملكة، غير صحيح، فإنه لو لم يكن في العالم علة النور، يكون العالم في ظلمة قطعا، من غير استنادها إلى سبب وعلة.
ثم إن هذه الكلمة لم تستعمل في القرآن الشريف إلا جمعا، على خلاف النور في هذه الخصوصية أيضا، فإنه لم يستعمل إلا مفردا ولعل في ذلك سرا يأتي في محله.
وأما ما قاله من التكني والكناية، فهو غير صحيح، لأن في المقام يكون من باب الاستعارة والادعاء، وأن الهداية نور ومصداق له، والضلالة ظلمة ومصداق لها، فلا تخلط، والأمر سهل.
المسألة العاشرة حول كلمة " الإبصار " أبصره: رآه وأخبره بما وقعت عينه عليه، وفلانا: جعله بصيرا،