المادية والحسية والعقلية، فلا يبصرون ولا يسمعون ولا يدركون شيئا، وليس لهم البصيرة في أمرهم، فهم البكم العمي، فهم - بعد هذه الكارثة والمصيبة الشاملة، السارية في أعماق حياتهم الفردية والاجتماعية - لا يرجعون، وكيف يرجعون؟! وأنى يرجعون وهم في هذه الحالة وبتلك الآفة؟! ولأجل هذا الربط الواضح توهم جمع منهم: أن هذه الآية من تتمة الآية السابقة، وليست مستقلة، كما أشير إليه في صدر المباحث السابقة، وحذف حرف العطف والمبتدأ أيضا يوهم ذلك، ولا سيما بعد الإتيان بأداة التمثيل في الآية التالية، فدعوى أن هناك أمثالا ثلاثة غير متينة.
الوجه الرابع حول كون الآية مجازا وادعاء اختلفوا في أن هذه الآية على مبنى الحقيقة، أو المجاز والاستعارة، ثم على الثاني في أنه من أي أقسام الاستعارة:
فقال بعضهم: بأنها حقيقة، وذلك لأن السمع والبصر لكل منهما كوة إلى الخارج، وكوتان من جهة الباطن إلى عالم الملائكة وعالم الجنة، وكوتهما إلى عالم الملائكة ذاتية، وكوتهما إلى عالم الجنة عرضية، وختمهما عبارة عن سد كوتيهما إلى عالم الملائكة، فالصمم والعمى عبارة عن سد الكوتين اللتين هما إلى عالم الملائكة، بحيث لا يسمع من المسموعات جهتها الحقانية التي تؤدي إلى عالم الملائكة، ولا يسمع من