الوجود العيني والخارجي وإن كان متقدما بحسب الذهني والنفساني، وفي تنكير الرزق إشعار بأمر واقعي، وهو أن جميع الأرزاق ليس من الماء السماوي والأمطار النازلة بالضرورة.
وربما يشعر إعادة كلمة " لكم " هنا وعدم إعادتها في الجملة السابقة بأن مسألة جعل السماء بناء، ليس منافعه راجعة إلى ساكني الأرض خاصة، بل هو أمر عام يشترك فيه الأسفلون والأعلون وقد مر منا الإشارة إلى هذه النكتة في ذكر الوجوه حول هذه الجهة.
الوجه التاسع حول التفريع في * (فلا تجعلوا لله أندادا) * قضية القواعد الأولية أن تكون الهيئة في قوله تعالى: * (فلا تجعلوا لله أندادا) * للتحريم، فتكون زجرا بداعي إفادة الحرمة الذاتية، ولكن المناسبة المشهودة من ابتداء الآية السابقة إلى هنا، تقضي بأنها للإرشاد، فإنه تعالى أخذ في توجيه الناس إلى العبادة، بذكر العلل والموجبات العقلية، وبالتنبيه إلى الأسباب الإنسانية والأصول الأخلاقية، وأن الله الذي هو ربكم ورب السابقين عليكم، والذي جعل لكم الأرض فراشا والسماء بناء، والله الذي أنزل من السماء ماء لكم، وأخرج به رزقا لكم من أنواع الثمرات لا ينبغي أن تجعلوا له أندادا.
وهذا أحسن طريقة في الأدب والبلاغة، فإن في النهي خشونة