وأنت خبير بأن في اشتراء الضلالة يكون جميع هذه الأمور، لأنها من آثارها، أو عبائر أخرى عنها، أو هي أصناف منها، ولا وجه لحصرها فيها، وذلك لأن آيات النفاق تشمل مراتب المنافقين، ومنهم المؤمنون الذين استودعوا دينهم وإيمانهم، وهم في نوع من الضلالة والشك والجهالة.
الوجه الثامن حول استعمال الاشتراء في المنافقين إن كلمة " الاشتراء " مما تعارفت في الاستعارة دون البيع، وليس في الكتاب الإلهي من مشتقاته التي استعملت في مقام المجاز والاستعارات.
نعم خصوص كلمة " بيع " ربما اطلق على المعنى الاستعاري، كقوله تعالى: * (من قبل أن يأتي يوم لا بيع فيه ولا خلة ولا شفاعة) * (1)، مع أن من المحتمل قويا إرادة المعنى الحقيقي منه، ولأجل عدم معهودية استعمالها في كلمات البلغاء، اتخذ القرآن الكريم لفظة " الاشتراء " المعروف فيه ذلك.
هذا، ولو قال الله تعالى: أولئك الذين باعوا الهدى بالضلالة، لاقترنت كلمة " الهدى " في مقام الاستعمال بكلمة " باعوا "، مع أن بين المنافقين والهداية بعدا بجميع أنحائه، وفصلا بتمام أصنافه، وبينونة بشتى مراحلها.