استوقد نارا) * لجماعته ورفقته، نظرا إلى انتفاعهم وتضوئهم * (فلما أضاءت ما حوله) *، وتهيؤوا لأن يستثمروا منه ما كانوا يقصدونه * (ذهب الله) * بنور الطائفة الأولى والجماعة الثانية، فتبين فضيحتهم ونفاقهم وإلحادهم وخبثهم، فلم يتمكنوا من حقن دمائهم وأموالهم، ومن جلب الأموال والوجاهة، كما هم لم يتمكنوا من الاستثمار من النار والانتفاع بها، وإذا ذهب الله * (بنورهم) * فلا يتوهم وجود نور لهم في ذاتهم أو إمكان استيقاد نار أخرى، فإن ما أذهبه الله تعالى فلا يرجع، وما أخمده الله فلا يعيده غيره، فلازم ذلك * (تركهم في ظلمات) * من خصائصها الواضحة أنهم * (لا يبصرون) *.
وقريب منه: * (مثلهم) * - أي مثل الذين إذا قيل لهم: آمنوا، قالوا آمنا، وإذا خلوا إلى شياطينهم قالوا إنا معكم - * (كمثل) * المستوقد للطائفة مريدا به تحفظهم عن البرودة والظلمة * (فلما أضاءت ما حوله ذهب الله بنورهم) *، وتبين أن إقرارهم وشهادتهم بالإسلام والإيمان كان لجلب منافع الآخرين الذين يساندهم من ورائهم وهم شياطينهم، * (وتركهم في ظلمات لا يبصرون) * أنفسهم ولا شياطينهم وأخلاءهم.
وعلى مسلك الحكيم الإلهي والعارف الرباني مثل هؤلاء المنافقين في جميع طبقاتهم، وبجميع مراتب النفاق المشترك فيها كافة الأنام وثلة من المؤمنين وأهل الإسلام، * (كمثل الذي استوقد) * - في أفق نفسه في زاوية قلبه - نار الاستعداد وضوء الاهتداء