الوجه الثالث حول الإتيان بتعبير " التنزيل " قد مر منا بعض البحث في مادة النزول، وذكرنا أن هذه المادة لازمة يتعدى تارة بهمزة باب الإفعال، وأخرى بتضعيف باب التفعيل، وأما ما قد يقال:
بأن الإنزال هو الدفع والتنزيل هو التدريج (1)، أو قيل - كما عن الزمخشري -: بأن التنزيل يكون تدريجيا والإنزال أعم منه (2)، فهو كلام خارج عن حد اللغة وتصريحات اللغويين. ومجرد ذهاب مثل الفيروزآبادي في كتابه " البصائر " (3) والراغب في " المفردات " (4) لا يكفي لكون المسألة لغوية، ولذلك ترى أن البحث سرى من كتب التفسير إلى الكتب اللغوية، قال في " التاج ".
وفرق جماعة من أرباب التحقيق بينهما، فقالوا: التنزيل تدريجي والإنزال دفعي، كما في أكثر الحواشي الكشافية والبيضاوية ولما ورد استعمال التنزيل في الدفعي زعم أقوام أن التفرقة أكثرية وأن التنزيل يكون في الدفعي أيضا، وهو مبسوط في مواضع من " عناية القاضي " (5). انتهى.