المنافقين، وضلالتهم الترددية بالنسبة إلى الواقعيات الإسلامية.
هذا، مع أن في الترديد والتخيير في التمثيل إفادة أن حالهم لا يخلو عن أحد هذين التمثيلين، فيكون التفصيل قاطعا للشركة، بمعنى أنهم - أي المنافقين - لا شريك لهم في هذه، ولا تمثيل وراء التمثيلين يبين خط مشيهم ومنهج صنعهم مع الإسلام والمسلمين، خذلهم الله تعالى.
الوجه الثالث حول ترتيب المثالين من الأسئلة: أن تقديم المثال الأول وتأخير المثال الثاني، لابد وأن يشتمل على نكتة وسر، وذلك أن التمثيل الثاني لمكان أبلغيته من الأول في إبانة انحطاط حالهم، وأدليته على فرط تحيرهم وشدة أمرهم اخر، وهم يتدرجون في مثله من الأهون إلى الأغلظ، ومن الأدون إلى الأسفل منه.
أو أن التمثيل الأول باعتبار قوتهم العقلية والعلمية، والثاني باعتبار قوتهم العملية، فيقدم ويؤخر على مقتضى الطبع.
وربما يقال: إن التمثيل الأول بيان لحال فرقة، أو لحال المنافقين الذين آتاهم الله دينا وهداية، عمل بها سلفهم فجنوا ثمرها، وصلح حالهم بها أيام كانوا مستقيمين على الطريقة، آخذين بإرشاد الوحي، واقفين عند حدود الشريعة، ولكنهم انحرفوا عن سنن سلفهم في الأخذ بها ظاهرا وباطنا.
وأما التمثيل الثاني فهو لمن بقي له بصيص من النور فله نظرات